Wednesday, February 5, 2014

يدعي المسيحيون أن الله أرسل المسيح ليصلب فداءا للبشرية

لماذا أرادوا صلبه وهل كان راغبا في الصلب؟
يدعي المسيحيون أن الله أرسل المسيح ليصلب فداءا للبشرية وعليه فإنه يعلم هذا. هل كان راغبا في الصلب؟
أشارت النبوءات إلى أن عيسى هو ذلك الموصوف فيها بأنه سيصير ملكا لليهود (يولد من عذراء-في بيت لحم ..) وقد علم ذلك كل شعب إسرائيل بما فيهم رجال الدين(الكهنة الكتبة الفريسيين)،كما علمه الرومان الذين كانوا يحتلون فلسطين عندئذ ورغب هيرودس الأب في قتله ولكنه فشل وها هو قد عاد وبدأ يبشر جموع بنى إسرائيل الذين وجدوا في خطابه شيئا مختلفا عما اعتادوا سماعه من رجال دينهم ذلك أنه كان يتحدث من القلب وأنه لم يطلب منهم أجرا كما أعتاد رجال دينهم ، يخاطب عقولهم ويوضح لهم ما خفي عليهم من أمور دينهم ،محذرا إياهم من النفاق والمنافقين . وأدرك رجال دينهم أنهم المقصودين في خطابه بلفظ المنافقين ،ولم يجدوا ما يستطيعون مواجهته به فها هو يقوم بكل ما أمرت به الكتب من وصايا وإن لم يهتم بالشكليات وإنما عني بالمعنى ،وقد لاحظوا عدم اهتمامه بحفظ السبت وهو الذين كانوا يقدسونه بدون وعى ،وأفهمهم أن عمل الخير واجب في جميع الأيام ،وأن ما حرم فقط هو الأعمال الدنيوية ،وهو إنما فعل ذلك بناء على وحي الله فقد حرم السبت على اليهود لعصيانهم الله فيه ولقولهم أن الله استراح في السبت ، فإن عادوا للإيمان بالله انتفى السبب الذي من أجله حرم عليهم فيه العمل . وكان معنى تركه وشأنه اعترافا من الكهنة بصحة ما يقول وبالتالي فقدهم احترام الشعب لهم والذي فاق الحدود حتى أن كلامهم كان موثوقا به عندهم أكثر من كلام الله جل وعلا ، فهم إذا سيفقدون مصدر عيشهم. ولكن ما فعله الله من معجزات على يديه جعلهم يخشونه ،ويخشون مواجهة الشعب لهم إذا هم قاوموه علانية .لذا لجأوا للكيد له ومهاجمته سرا، ولكن ما فعلوه لم يزد شعب إسرائيل إلا تمسكا به فيما عدا من يسيرون في ركابهم من ذات سبطهم (سبط يهوذا ). فهداهم شيطانهم إلى الاستعانة بالرومان عليه بدعوى أنهم يريدون المحافظة على ملكهم إذ أن النبوءات تقول أنه سيملك على بني إسرائيل (إسرائيل)، فعليه لا بد من قتله حتى لا تنفذ النبوءة .ونسوا أن ما يقوله الله لا بد أن ينفذ ـ وسينفذ بإذن الله عندما سيعود عليه السلام ـ. هكذا تجمعت خيوط المؤامرة وبدأ التآمر. ولكن كيف تنفذ الجريمة وبدون مواجهة الشعب ؟ هنا احتاج الأمر إلى خائن يدلهم على مكان وجوده وهو في خلوة مع تلاميذه ،وقد وجدوا ضالتهم في يهوذا الإسخريوطي والذي حنق على المسيح عليه السلام إذ تسبب في فقده ثلاثين دينارا كان سيحصل عليها لو لم تسكب مريم المجدلية العطر والذي يقدر ثمنه بثلاثمائة دينارا على المسيح، فاعتبر هذا الرقم ثلاثون دينارا ثمنا لرأس المسيح ، وهكذا تمت حلقة التآمر .
ولتبرير ما ينوون فعله ـ وربما بعدما فعلوا فعلتهم والتي أحبطها الله رغما عنهم ـ قالوا أن المسيح كان يرغب في تقديم نفسه أضحية "فقال لهم أحد منهم وهو قيافا كان رئيسا للكهنة في تلك السنة لستم تعرفون شيئا ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها ولم يقل هذا من نفسه بل إذ كان رئيسا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة "(يوحنا 11 :49 -51 ) ويتبين من ذلك من هو صاحب هذه النبوءة !! إنه رئيس الكهنة الذي قال فيه المسيح ما قال ونعته بالنفاق وبكل ما هو معيب إذا به نبي يتنبأ وتصدق نبوءته !!! والحقيقة أنه طبقا لتقاليدهم فإن قتل المرتد عن الدين يعتبر كفارة عن الشعب ، وهم يظنون ويا لهول ما ظنوا أن المسيح (عليه السلام ) مرتد عن دين إبراهيم وموسى (عليهما السلام ) فالمراد من قول رئيس كهنتهم إذا أنه يريد تقديم المسيح قربانا عن الشعب في عيد الفصح من تلك السنة . بل ونسبوا إلى المسيح قوله " وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان لأنه يسلم إلى الأمم ويستهزأ به ويشتم ويتفل عليه ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم وأما هم (تلاميذ المسيح ) فلم يفهموا من ذلك شيئا وكان هذا الأمر مخفي عنهم ولم يعلموا ما قيل "(لوقا 18 :31 -34 ) ولا توجد نبوءة بهذا المعنى أو بلفظها في كل العهد القديم الموجود حاليا على الأقل .كما يرى البعض أن ما أورده إنجيل متى 12 :38 -40 عن لسان المسيح " جيل شرير يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاثة ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاثة ليالي "هي أيضا إضافة للإيهام بأن المسيح قد تنبأ بموته وخاصة وهي تناقض ما جاء في مرقس 8 :11 ،12 والعديد من المعجزات التي فعلها بإذن الله .ولم يكن المسيح يطلب الموت فإنه في متى 26 : 36 - 42 ورد قول المسيح " اجلسوا ها هنا حتى أمضي وأصلي هناك .. ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس .."ونفس الرواية تقريبا في مرقس 14 :32 -39 ، وكذا في إنجيل لوقا 22 :41 -45 " فانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى قائلا يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس ..وظهر له ملاك من السماء يقويه وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض " أي أنه لم يكن راغبا أن يصلب . كما أن النبوءات السابق إيرادها تشير بوضوح أنه سيخلص ويرفع .
ومضوا في تنفيذ جريمتهم وطبقا لما شاهده شهود العيان فقد قبض على المسيح ( أو من ظنوه المسيح في الحقيقة ) وأهين وضرب ضربا مبرحا وسيق للملك (هيرودس ) وللوالي (بيلاطس )، وقدموه لبيلاطس على أنه يرغب في ملك إسرائيل "وابتدأوا يشتكون عليه قائلين إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا أنه مسيح ملك " (لوقا 23 :2 ) فماذا قال بيلاطس ؟ في لوقا 23 :14 " قد قدمتم إلي هذا الإنسان كمن يفسد الشعب وها أنا قد فحصت قدامكم ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه . ولا هيرودس أيضا لأني أرسلتكم إليه وها لا شيء يستحق الموت صنع منه " ـ أي أن المتهم لم يقل أنه ملك اليهود أو طلب عدم إعطاء الجزية لقيصر ـ ،فقد خشي الاثنان (الوالي والملك ) الأمر بقتله في البداية فألقى كل منهما المسئولية على الآخر (لوقا 23 :6 و 11 ) ولكن تحت إلحاح ورشوة رئيس كهنة اليهود وتهديده للملك وللوالي بوصمهما بالخيانة العظمى لدى القيصر اضطرا للموافقة على صلبه ، وقد أنكر هذا المتهم أنه ملك اليهود (سواء أكان هو المسيح أو يهوذا ) بمعنى رغبته في إنقاذ نفسه من التهمة ،تلك التهمة التي أتهم بها لينجو من عقوبة الصلب . فأين إذا رغبة المصلوب في تقديم نفسه أضحية ؟ فالواضح أن اقتياده للصلب كان رغم أنفه وليس بإرادته .
وتمضي الأحداث كما وصفتها أناجيل المسيحيين فيعلق المتهم على الصليب ويدق بالمسامير لتثبيته عليه وإذ تحكي أناجيل المسيحيين كلماته الأخيرة وهو على الصليب فإنها تختلف فيما بينها ولكن يتفق تقريبا ما ورد في إنجيلي متى (27 :46 ) ومرقس (15 :34 ) فالنص الموجود في الأخير " وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إلوي إلوي لما شبقتني الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني "، والمعنى الحرفي لكلمة شبقتني ليس تركتني بل هو اشتداد الرغبة الجنسية أي أن مفادها مما لا يليق بحال أن يوصف به الله جل وعلا كثيرا عما يصفون .ولكن معنى هذا القول أو ذاك أن المصلوب لم يكن راغبا في الموت ومعترضا على قضاء الله . ولا يمكن أن يكون نبيا بأي حال ذلك الذي يعترض على قضاء الله حتى ولو كان اعتراضه مهذبا . وحتما فإنه ليس إلها بل هو يدعو إلهه الذي تركه وليس الذي عاد إليه !!
لقد قالت النبوءات أن المسيح عليه السلام يعيش إلى قرب نهاية العالم "من طول الأيام أشبعه وأريه خلاصي "(مزمور 91: 1- 16) وها هو يموت إذا فلابد أن تقوم القيامة إذا كان هو المسيح فتخيل بعضهم أنها قامت فعلا وأوردوا ذلك في إنجيل متى 27 :51- 55 " إذا حجاب الهيكل قد أنشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين .وأما قائد المئة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان خافوا جدا " لقد ظنوا القيامة باتت قريبة وبدأت بشائرها ، ولكن مع مرور أكثر من ألفين سنة (قمرية)لم تقم القيامة على ما أوردت النبوءة ،والحقيقة إذا أن المسيح عليه السلام لم يمت حتى الآن .
(من كتاب "مخطوطة برنابا .. " نشر دار القلم ) سراي ألمانيا بمعرض الكتاب